الثلاثاء، 23 يوليو 2013

الدرس 11 : قاع البحر كشريط تسجيل مغناطيسي



خلال الحرب العالمية الثانية تم تطوير مقاييس مغناطيسية جوية حساسة جداً للكشف عن الغواصات بواسطة مجالها المغناطيسي. بتعديل بسي تم استخدام نفس الأجهزة من قبل علماء المحيطات. مجرورة خلف سفن الأبحاث فان أجهزة القياس المغناطيسي قاست شيئين: الكوكبي الرئيسي او المجال المغناطيسي الأرضي و التشويش المغناطيسي المحلي ، أو الشاذة المغناطيسية الناجمة عن الصخور المغناطيسية على قاع البحر. المجال المغناطيسي العام الرئيسي يمكن استخلاصه بسهولة مخلفاً سجلاً للصخور الممغنطة داخل البحر. الصخور الممغنطة بقوة في الاتجاه العادي ستظهر كشاذة موجبة والصخور الممغنطة في الاتجاه العكسي ستظهر كشاذة سالبة.
بالابحار ذهابا وإيابا في المحيط  اكتشف العلماء المبحرون انماط شواذ مغنايسية مدهشة . في اماكن كثيرة فان نطاقات الشواذ المغناطيسية الموجبة والسالبة كانت خية لمئات الأميال وأظهرت تماثل تام تقريباً مع قمة حافة وسط المحيط. لو طويت خريطة لتلك الشواذ على طول محور الحافة فان النطاقات المغناطيسية في الجانب الأول ستقع تقريباً أعلى نطاقات الجانب الآخر. الشكل 18-16 يظهر مقطع مغناطيسي خلال الحافة الذي يظهر المعالم بتفاصيل أكثر. لاحظ الترابط المدهش لقمم وقيعان منحنى الشاذة المغناطيسية على كلا جانبي الحافة.
النمط المغناطيسي الغريب هذا حير العلماء لسنوات عديدة لغاية عام 1936م عندما قدم رجلان انجليزيان وهما F.J. Vine and D.H.Mathews وبشكل منفصل آخران كنديان L.Morley and A.Larochelle اقتراحاً مذهلاً. هم عللوا المناطق المغناطيسية الموجبة والسالبة والمرتبطة بنطاقات الصخور على قاع البحربأنها مغنطت خلال الأحداث القديمة بمغنطة عادية وعكسية من المجال الأرضي وبالتالي فان الأشرطة المغناطيسية يمكن ان تستخدم كدليل يدعم نظرية توسع قاع البحر. هم قالوا ان المحيط يتوسع تدريجياً كلما نشأ قاع بحري جديد على طول الشق الذي يتبع قمة حواف وسط المحيط. الحمم التي تفيض من البان للأعلى تتصلب في الشق وتصبح ممغنطة اما عادية أو عكسية بحسب اتجاه المجال الأرضي في ذلك الوقت. وبما أن قاع البحر يتوسع بعيداً عن الحافة فان نصف المادة المتمغنطة تقريباً يتحرك الى أحد الجوانب والنصف الآخر الى الجانب الآخر مكوناً نطاقين متمغنطين متماثلين. المادة الجديدة تملأ الشقوق مكملة العملية. بهذه الطريقة فان قاع البحر يتصرف كما لو كان شريط تسجيل يسجل بالطباعة المغناطيسية تاريخ انفتاح المحيط وذلك استرشاداً بتاريخ التقلبات في المجال المغناطيسي الأرضي. باستخدام التتابع الطبقي المغناطيسي المدروس من حمم الأرض لتأريخ النطاقات المغناطيسية على قاع البحر تعلم الجيوفيزيائيون كيف يعيدون تشغيل الشريط وأظهروا أن البيانات المغناطيسية سجلت مدى سرعة انفتاح المحيط. نحن سنتوقع ان تكون الصخور على قمة الحافة عادية المغنطة لأنها خرجت خلال العصر المغناطيسي العادي الحالي. الصخور الممغنطة عكسياً المرتبطة بفترة زمنية الى ما قبل مليون سنة أزيحت لمسافة ما من الحافة  لنقل حوالي 15 كيلومتراً من كل جانب من قمة الحافة لوكان معدل الانفراج 1.5 سم في السنة. مقياس الزمن العكسي يمكن تتبعه بالفعل من خلالتتبع التذبذبات الكثيرة في المجال الأرضي ، والنطاقات المغناطيسية المرتبطة تمتد لمئات كثيرة من الكيلومترات من قمة الحافة.
القطاعات الممغنطة في قاع البحر زودتنا بأداة قوية لتوسيع دراسة تاريخ انعكاسات المجال المغناطيسي الى العصر الجوراسي قبل 200 مليون سنة. التأريخ الدقيق للانعكاسات " وبالتالي لمعدل التوسع" يعود فقط الى حوالي 7 مليون سنة نظراً لان طريقة تأريخ تدفقات الحمم على الأرض تفقد دقتها قبل ذلك الزمن. بافتراض ان معدل التمدد للسبع ملايين سنة الماضية يكون ممثلاً لفترة أطول , فان العصور المغناطيسية العادية والعكسية الأقدم يمكن ان تضاهى لجميع المحيطات ويتم تعيين تاريخ لها. الشكل 19-18 يظهر التتابع ل171انعكاس تعود ل67 مليون سنة الى العصر الطباشيري تم انجازه بهذه الطريقة.القطاعات المغناطيسية على قاع البحر رسمت أسفل الشواذ المغناطيسية المقاسة. لاحظ ان المسافات بين الأشرطة تختلف في المحيطات المتعددة لأن ترتيب الانعكاسات انضغط او مد تبعاً لبطء او سرعة الانفراج.
بعد أن يدرس الجيولوجيون منطقة هم غالباً ما يعرضون تتابع الطبقات الصخرية الممتدة للوراء في الزمن الجيولوجي كقطاع طبقي. الشواذ المغناطيسية على قاع البحر تمكن الجيوفيزيائيين من رسم قطاع مغناطيسي طبقي يظهر التتابع التاريخي للانعكاسات المغنايسية في الزمن الجيولوجي وصولاً للعصر الجوراسي.
قوة وملاءمة التتابع المغنايسي الجديد في انجاز تاريخ احواض المحيطات لا يمكن التشديد عليها. ببساطة فاننا بواسطة الابحار ذهاباً واياباً مع قياس المجال المغناطيسي للصخور الممغنطة لقاع البحر ومقارنة انماط الانعكاسات بالتتابع المبين في الشكلين السابقين يمكننا ان نحدد أعمار المناطق المختلفة لقاع البحر بدون حتى ان نختبر العينات الصخرية. كل ما يحتاج اليه المرء هو سجل مغناطيسي جيد وذلك تم الحصول عليه وتفسيره في أجزاء كبيرة من محيطات العالم.
خرائط تساوي الزمن  خرائط كنتورية لأعمار قاع البحر" تم انتجها بهذه الطريقة تظهر الوقت الذي انقضى وكمية التمدد التي حصلت منذ ان تم ضخ الصخورالمتمغنطة كحمم في حافة وسط لمحيط. كلما كبرت المسافة بين خطوط الكنتور الزمنية لشرق المحيط الهادي فان ذلك يعني معدل تمدد أكبر من تلك في الأطلنطي. سوف نرى في الفصل القدم أن تلك الأعمار المغناطيسية تم التحقق منها وتوسيعها عندما بدأ مشروع حفر البحار العميقق باخراج عينات صخرية من قاع البحر والتي أمكن تأريخها باستخدام الأحافير والرق الاشعاعية. يالها من خبطة رائعة لأولئك العلماء الذين اكتشفوا هذه الأداة.

هناك تعليق واحد: