الجمعة، 28 ديسمبر 2012

الدرس 5: تفسير المسح الجاذبي:

الدرس 5:
تفسير المسح الجاذبي:
خرائط شواذ بوجير تبدو مثل خرائط الكنتور الطبوغرافية. انها تظهر مناطق دائرية متطاولة وغير منتظمة عالية ومنخفضة الجاذبية, وهي ايضاً يمكن ان تظهر تراكيب خطية ذات تدرج شديد وليست  بالضرورة مرتبطة باي من المعالم المذكورة. من الممكن جداً عمل تفسير أولي ونوعي من تفحص الخريطة لو توافرت بعض المعرفة بجيولوجية المنطقة. الجاذبية العالية في اماكن كثيرة مرتبطة بطية محدبة او بكتل مرتفعة وكلاهما تراكيب ترفع الصخور الاقدم والاكثف الى الاعلى بالقرب من السطح. في مناطق اخرى فان قيم الجاذبية العالية يمكن ان تنجم عن وجود تداخلات قاعدية ثقيلة وبالعكس فان الاحواض الرسوبية والتداخلات الحمضية الخفيفة تنتج عادة قيم جاذبية منخفضة. التراكيب ذات التدرج الملحوظ تنتج عن تماس شديد بين صخور مختلفة الكثافة كما هو الحال في مستويات الصدوع.
اذن المشكلة هي كيف نحدد من خلال البيانات المجتزاة التي استخدمت في رسم الخريطة ومن خلال المعلومات الاخرى المتاحة حجم وشكل وموقع التراكيب التحت سطحية التي اعطت ارتفاعاً في الاضطرابات الجاذبية. بالرغم من انه سهل نسبياً حساب الشاذة الجاذبية للجسم مهما كان شكله الا انه لا توجد حلول معينة لعكس المشكلة أي لحساب متغيرات جسم من خلال شاذته فقط بدون توافر معلومات اخرى حوله. على أي حال عادة يوجد شئ ما بخصوص التراكيب الجيولوجية في منطقة المسح, فمن خلال تلك المعرفة والتدقيق النوعي لشاذة الجاذبية يمكن ان نأخذ فكرة عن حجم وشكل وموقع التركيب المنتج لها. ومن ثم يصبح من الممكن ان نبني مجموعة من الحلول الممكنة ذات شواذ جاذبية متناسب مع الحقل المدروس بالدرجة المطلوبة من الدقة. حدود مجموعة الحلول تلك محكومة الى حد ما بكمية المعلومات الجيولوجية .والذي سوف نفعله باستخدام تلك المعلومات هو بالطبع التقليل من عدد الكميات الغير معروفة وهي الابعاد والموقع واختلاف الكثافة. لو كان لدينا فكرة نوعاً ما عن الابعاد النسبية " الشكل على سبيل المثال" للتركيب والكثافة فاننا يمكن ان ننتج حل وحيد بتلك التحديدات. على سبيل المثال مجموعة كبيرة من الاجسام عدسية الشكل لو وضعت على اعماق مناسبة يمكن ان يكون لها شواذ جاذبية مماثلة نظرياً في الشكل والمقدار تلك الناتجة عن كرة ذات كتلة ما وموجودة على عمق اكبر.  وبغياب معلومات اخرى فانه لا حل أفضل من غيره. من ناحية أخرى فلو عرف ان شواذ الجاذبية هي في الحقيقة ناتجة عن جسم كروي تقريباً فان عمقه والكتلة الزائدة يمكن ان تحسب بسهولة من شاذته. من هذه الزاوية فان الكتلة الزائدة هي عبارة عن حاصل ضرب حجم الكرة في فرق الكثافة (ρ- ρ0) مع الصخور المحيطة ذات الكثافة ρ0 .لو عرفنا الفرق في الكثافة فاننا يمكن ان نحسب نصف قطر الكرة وان نجري تفسيراً كاملاً. بالمثل فان معرفة التتابع الجيولوجي وكثافة الطبقة في المنطقة تفرض قيوداً عدة على التفسيرات الممكنة ومن المحتمل ان تؤدي الى حل ممكن له قيمة عملية. لسوء الحظ فان المشكلة معقدة اكثر في ضوء حقيقة ان مجال الشاذة على السطح ليس بالضرورة ان يكون ناتجاً عن تركيب بسيط واحد ولكن من الممكن ان يكون محصلة لتأثيرات عدد من التراكيب الغير مترابطة في أعماق مختلفة. في تلك الحالات فان المشكلة الأولى للتفسير هي ايجاد وسائل لفصل تلك الشواذ المختلفة بقدر الامكان. هذا يمكن ان يكون قابلاً للتطبيق لو تم تقسيمها الى مجموعتين, الأولى  تحتوي صغيرة القياسات والتي تسمى الشواذ المحلية والأخرى تحتوي المعالم الأشمل والانعم والتي غالباً وليس دائماً ما تكون عميقة المصدر. الحقل المركب من الاخيرة يسمى الاقليمي. ان فصل الحقل المحلي والاقليمي يصبح مشكلة متعلقة بالترشيح. أبسط طريقة للفصل – قابلة للاعتراض على أسس موضوعية – هي بتنعيم الشواذ المحلية بالعين أي اكمال الحقل الاقليمي في الاماكن المتأثرة بالشواذ المحلية ثم يطرح الاقليمي الممصقول من حقل شاذة بوجير الأصلي مخلفاً وراءه البقايا التي تحتوي على المعالم ذات الاطوال الموجية القصيرة المفترض تكونها بسبب المعالم القريبة من السطح الصغيرة نسبياً. طريقة اكثر موضوعية للحصول على الاقليمي هي بازالة الشواذ المحلية بالتنعيم العددي للترشيح الرقمي (Mesko 1965)  .الطرق العددية اسهل في الاستخدام عندما تكون البيانات متساوية التباعد. ابسط طريقة للقيام ببعض التنعيم هي بأخذ المعدل الجاري لمجموعات من ثلاث نقاط او اكثر بالتساوي على طول خط عرضي. . سعة الشواذ الحادة يتم تقليلها , وهذه الكمية تعتمد بشكل كبير على العرض الكلي لمجموعة النقاط مقارنة بالطول الموجي للشاذة. عملية حساب المتوسطات  المحددة تلك مكافئة لضرب كل من القيم الثلاثة بوزن متساوي- الثلث- ثم جمعهم , النقطة المركزية تستبدل بالمجموع. خواص التنعيم المحسن يمكن الحصول عليها لو تم تنقيص الاوزان من المركز او ادراج قيم اكثر. مرشح ذو خمس نقاط يمكن ان يكون له الاوزان التالية 1/16, 1/4 , 3/8 , 1/4 , 1/16. لو ان الملاحظات عند نقاط شبكة المتوسطات الموزنة اخذت من قيم تقع على دوائر بانصاف اقطار متزايدة حول النقطة المركزية فان الاوزان والطول الحقيقي لنصف قطر الدوائر المتوسطة تحدد سلوك المرشح. انه ليس من الصعوبة ان نصمم مرشح بخواص تنعيم معينة ولكن حقل الجاذبية يمكن ان يكون معقداً جداً لدرجة استحالة الاختزال المعقول لسعة الشواذ المحلية بدون ان تؤثربشكل كبير في نفس الوقت على شكل بعض المعالم الاشمل التي تكون الحقل الاقليمي. بكلمات أحرى فان الفصل الواضح بين القليمي والبقية غير ممكن. ماعدا ابسط المناطق فان الاقليمي سوف يظل يحتوي على مساهمات مخففة كثيرة ناجمة عن الشواذ المحلية وعند طرح الاقليمي من شاذة بوجير الغير مرشحة فان الشواذ المحلية المتخلفة الناتجة ستظهر بعضاً من التشوه. لو اردنا فقط القيام بتفسير نوعي فان الهدف هو تعزيز الاتجاهات المحلية واظهارالمعالم الأخرى مطموسة بالاقليمي , فان هذا التشوه غير مهم. مع ذلك انه من الممكن ان يؤثر بشكل كبير على نتيجة التفسير الكمي.
طريقة التجربة والخطأ هي مقاربة ممكنة للتفسير الكمي. فمن تفحص خريطة الكنتور وأخذ كل المعلومات الأخرى عن المنطقة في الحسبان يمكن ان يشتق نموذج للتركيب ويحسب تأثير جاذبيته. الشواذ المقاسة والمحسوبة تقارن ثم يعدل النموذج ويعاد حساب شاذتها لحين الوصول الى تطابق معقول بينهما. لو كانت البيانات الجيولوجية شحيحة فمن المحتمل عدم المقدرة على عمل شئ أكثر من حساب مجموعة من الحلول التقريبية , ولكن حتى القدرة على وضع قيود على الاحتمالات
الممكنة يمكن ان تكون اكثر نفعاً.
عند اختيار نموذج فالعادة عمل ابسط التقريبات الهندسية نظراً لان تجاذب الجاذبية لعدد من الاشكال البسيطة يمكن ان يحسب بسهولة من خلال الرسم والمعادلات الاساسية. ونظراً لأن الشكل الهندسي الافتراضي على افضل الاحتمالات يمكن ان يكون تقريباً فجاً للتركيب الحقيقي فان التطابق بين الشواذ المقاسة والمحسوبة ليس بالضرورة ان يكون تاماً بالرغم من ان التطابق يكون جيداً لدرجة مذهلة, أي ضمن قيود خطأ الملاحظة , لكن الاجراء يمكن من عمل بعض التخمين للأبعاد والعمق بشكل بسيط نوعاً ما. في الكثير من الأحيان حيث يكون التحكم الجيولوجي قليلاً يمكن أن تكون هناك فائدة من السعي لمزيد من التفسير لأنه من المستبعد جدا أن نموذجا أكثر تعقيدا سوف يكون أفضل تقريب للتركيب الحقيقي , ناهيك عن التوافق التام بين الشواذ المقاسة والمحسوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق