الجمعة، 28 ديسمبر 2012

الدرس التاسع: قياس الحقول المغناطيسية:

الدرس التاسع: قياس الحقول المغناطيسية:
الحقل المغناطيسي الرئيسي للأرض (H0)  مساو تقريباً لذلك الذي لقطب ثنائي بعزم4 X 1025  emu ,متموضع بالقرب من مركز الأرض ويميل على المحور الجغرافي ب 11. أقصى شدة للحقل " القطبية" حوالي 0.65 أورستيد , وأقل شدة " الاستوائية" 0.35 أورستيد. الشواذ المغناطيسية الناتجة عن تركيزات المعادن الحديدومغناطيسية في الأجزاء العلوية من القشرة الأرضية قد تبلغ  سعانها H0 أو أكثر.على أي حال فانها تبلغ ما بين 0.001 H0  الى 0.1 H0 في الجزء الأكبر.
الصعوبة التي تنشأ خلال تخطيط واجراء المسوحات المغناطيسية هي أن شدة الحقل المغناطيسي للأرض لا تظل ثابتة خلال الزمن ولكنها تعاني من تغيرات صغيرة ومؤقتة. أغلب التغيرات الزمنية بسيطة وتميل لتصبح أكثر أو أقل دورية خلال فترة ال 24 ساعة وبسعة ذات معدل عالمي بحدود 100 جاما او حوالي 0.002 H0. تلك ليست بالكمية الكبيرة ولكنها تكفي لتشويه نمط الحقل المغناطيسي. تلك التقلبات الصغيرة مرتبطة بحركات كبيرة الحجم في الأيونوسفير والتي من المحتمل ان تكون ناتجة عن الاشعاعات من الشمس. بينما تتغير شداتها تبعاً لسمت الشمس فان تدرجها الأفقي يمكن ان يعتبر متجانساً لمسافات قد تصل لبضعة عشرات الأميال.ولهذا فان تأثيراتها يمكن ان تزال من القياسات الحقلية المأخوذة في منطقة محدودة وذلك اما بمراقبة H0 باستمرار عند نقطة ثابتة أو باعادة القياسات عند محطات معينة على مسافات زمنية منتظمة كل ساعة خلال اليوم, وبالتالي يمكن اعادة كل القياسات الى زمن مشترك.أحياناً التقلبات تصبح فجائية وعنيفة مما يدل على حدوث عاصفة مغناطيسية. خلال العاصفة  المغناطيسية فان قيم H0 عند نقطة ثابتة يمكن ان تتغير فجأة وبسكل غير متوقع بعدة مئات من الجاما, مما يجعل استمرار المسوحات المغناطيسية غير مجدي. العاصفة يمكن ان تستمر لعدة ساعات وخلال تلك الفترة يتم عادة التوقف عن جميع فعاليات المسح المغناطيسي.تلك الأحداث تتبع عادة انفجارات جسيمية قوية من الشمس لمدة 30 ساعة تقريباً ويمكن احياناً التنبؤ بها بواسطة المراقبات الشمسية.
الهدف من مسوحات مقاييس المغناطيسية هو في الأغلب نفس هدف المسوحات الجاذبية,بمعنى ايجاد اشكال او احجام التراكيب التي حساسيتها لل NRM  تختلف بوضوح عن الوسط المحيط بها وذلك من خلال القياسات السطحية. النماذج التي تستخدم لتمثيل التراكيب الجيولوجية مماثلة لتلك التي في التفسيرات الجاذبية , ولكن لسوء الحظ فان مسألة اختيار قيم مناسبة لتباين الحساسية لل NRM هي اشكالية جداً بالنظر الى الاختلاف الواسع لتلك الخواص حتى في نوع صخري واحد. العوامل التي تؤثر على الخواص المغناطيسية للصخور ستكون عرضة لدراسة مستقلة. بطريقة أو بأخرى فان القابلية للمغنطة على علاقة بشكل أساسي مع كمية العناصر المغناطيسية في الصخر, وبما انها عادة توجد بكميات قليلة, على أي حال , فانه  من الواضح ان التركيز يمكن ان يختلف كثيراً. ولهذا فان طرق التفسير المستندة الى أشكال أنماط الشواذ تستخدم وليس المستندة الى السعات, ولهذا فان السؤال عن اختلاف الخواص الطبيعية يمكن ان يؤجل الى مرحلة متأخرة في الحسابات بقدر الامكان.
في الحياة العملية توجد ثلاث انواع معروفة من الطرق المغناطيسية. الأولى في الاستكشاف الغير مباشر. بصنع شواذ محلية في الحقل البيعي للأرض فان الخامات المغناطيسية تظهر وجودها وتزودنا بأداة ناجعة وبسيطة لاكتشافها. الطرق المستخدمة في التفسير لهذه الحالة ذات تشابه قوي مع تلك المستخدمة في الجاذبية. التطبيق الثاني هو في رسم الخرائط حيث أن مغنطة الصخور قد تعطي مفتاحاً لتركيبها وتزود بطريقة لتتبع امتداد وشكل التكوين. التطبيق الثالث أقل مباشرة بحيث لايوجد اهتمام فعلي بالصخور الممغنطة على الاطلاق. مثال نموذجي هو استكشاف الأحواض الرسوبية بمقاييس مغناطيسية جوية حيث يتم دراسة الصخور الرسوبية أسفل الطائرة من أنماط الشواذ. لو افترضنا ان تلك الصخور تقع في المعقد البلوري لما قبل الكمبري " القاعدة" , ولو وجد عدد كاف من الشواذ القابلة للتفسير, فان العمق الأقصى للحوض الرسوبي يمكن تحديده.
دليل آخرعلى الاستخدام الواسع لمقاييس المغناطيسية كمساعد غير مباشر في الاستكشاف سيوجد في الأمثلة التالية من الحالات التاريخية للاستكشاف المعدني:
الاسبست: رسوبيات الاسبست تتواجد عادة في صخور المتداخلات الفوق قاعدية, وغالباً ما تكون مصاحبة للبيريدوتيت. الكثير من تلك الصخور تحتوي على كميات مهمة من الماجنتيت. كلاهما كنتيجة للسربنتنة وكمكون أصلي. لهذا فالبريدوتيت يميل لأن يكون أكثر مغناطيسية من التكاوين المجاورة, وبالتالي يمكن استخدام مقاييس المغناطيسية لايجاد موضعها وتحديد مناطق تماسها. في نفس اللحظة فيمكن استخدامها للتفريق بين البيريدوتيت المسربنت والبايروكسينات الذي يكون عادة أقل تمغنطاً, وأيضاً لتحديد أماكن الاستبدال أو التحول في الأجسام الفوق قاعدية مثل مناطق الكربونات أو كربونات التلك , والتي غالباً ما تتصف بندرة الماجنتيت وبالتالي بقيم مغناطيسية صغيرة.
الذهب: في منطقة Val d'Or في كويبك , فان وجود رسوبيات الذهب محكوم بكتل كبيرة من الجرانوديورايت التي تداخلت في احجار بركانية قديمة. ترسب الخام كما يبدو ارتبط بنشاط تداخلي لاحق, وتقريباً كل الرسوبيات المعروفة توجد في عروق الكوارتز على طول حواف تلك الكتل. أهداف مسوحات مقاييس التمغنط في هذه المنطقة هي تداخلات الجرانوديورايت التي هي اجمالاً أقل مغناطيسية من البركانية المستبدلة. الدلائل المرغوبة تحيط بمناطق ذات قيم مغناطيسية منخفضة تظهر انماط متقاطعة مميزة تعكس تكسراً وتمعدنات لاحقة في مناطق التكسر. تلك الكتل عموماً لها نمط شاذ مميز حول حدودها انتجت بازاحة نطاقات الصخور البركانية.
كولومبيوم - يورانيوم: أحد اكثر خامات الكولومبيوم شيوعاً هو البايروكلور وهو معدن متحول يوجد عادة في الهالات المحيطة بالتداخلات القلوية.بسبب البيئة القلوية فان الماجنتيت يتكوت في تلك المناطق التي يوجد فيها الحديد في الصخر المضيف. الهالات المغناطيسية لها شكل شاذة حلقي مميز يخدم في اظهار وتحديد الصخور المتداخلة وبالتالي منطقة التمعدن المحتملة.
تلك الأمثلة تعطي بعض الدلائل على تنوع الأغراض التي يمكن أن تستغل بها مقاييس المغناطيسة في الاستكشاف المعدني. في بعض الحالات فان المطلوب هو دقة مقبولة في تفسير البيانات بينما في حالات أخرى فان شكل الشاذة المميز يكفي. بينما تبقى التجربة هي الحكم فان الاسلوب الثاني غالباً ما يعطي ثماره بقدر ما يتعلق الأمر بالنتائج الايجابية. من الواضح انه لا يمكن ان يكون طريقة منهجية كاملة للتفسيرات المغناطيسيةويجب ان نضع ذلك في أذهاننا عندما نأتي الى الفصل القادم الذي يتعامل مع المشاكل الأكثر تخصصاً لعمل التفسيرات الكمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق