الجمعة، 28 ديسمبر 2012

الدرس 2: شكل الأرض

الدرس 2:
شكل الأرض
ا) عام: التنقيب الجاذبي الذي نشأ من دراسة المجال الجاذبي للارض هو مادة محط اهتمام الجيوديسيين طوال ال 250 سنة الماضية لتحديد شكل الارض. على سبيل المثال عندما وجد العالم الفرنسي بيير بوجير ان طول خط العرض عند خط الاستواء اقصر منه عند باريس اتضح عاى الفور ان الارض ليست كروية تماماً وبالتالي فان عجلة الجاذبية الارضية لن تكون ثابتة على سطح الارض. يمكن ان نستشهد بأمثلة اخرى على تطور المعرفة بجاذبية الارض كنتيجة للعمل الجيوديسي.
من المعروف الآن ان قيمة الجاذبية على سطح الارض تعتمد على خمسة عوامل: خط العرض والارتفاع وطبوغرافية المنطقة المحيطة والمد الارضي والاختلافات في الكثافة التحت سطحية. فقط العامل الاخير ذو اهمية في الاستكشاف الجاذبي وتأثيره عادة اصغر بكثير من تأثير العوامل الاربعة الاخرى مجتمعة. على سبيل المثال فان التغير في الجاذبية من خط الاستواء الى القطب يبلغ 5 gals أي 0.5% من قيمة متوسط عجلة الجاذبية الارضية " 980 gals ", بينما تأثير الارتفاع في بعض المناطق يمكن ان يكون اقصاه 0.1 gals أي 0.1% من عجلة الجاذبية. من ناحية اخرى فان شاذة جاذبية كبيرة في الاستكشاف النفطي يمكن ان تكون 10  mgal أي 0.001  من عجلة الجاذبية بينما قد تكون عشر ذلك في التنقيب عن المعادن.
ولهذا من الواضح ان الاختلافات في عجلة الجاذبية المهمة في التنقيب ليست فقط صغيرة مقارنة بقيمة عحلة الجاذبية نفسها وانما ايضاً بالمقارنة مع التأثيرات الناجمة عن تغيرات كبيرة في خطوط العرض والارتفاع . لحسن الحظ انه من الممكن عموماً ازالة تلك التغييرات الكبيرة بدقة جيدة.
ان شكل الارض كما بينته القياسات الجيوديسية والاقمار الصناعية حديثاً كروي منتفخ الاستواء ومسطح عند القطبين بحيث ان الفرق بين انصاف الاقطار الاستوائي والقطبي مقسوماً على الاستوائي يساوي 1/298.25. تلك النسبة تسمى التفلطح القطبي. نظرياً يمكن حساب ذلك الشكل بافتراض ان الارض كتلة مائعة تدور حول محورها القطبي وذات كثافة تزداد مع العمق ( من 3 جم/سم3 عند السطح الى 12 جم/سم3 عند المركز بالرغم ان التغير غير متجانس) . سطح ذلك الشكل الافتراضي يكون متساوي جهد للمجال الجاذبي وذو تسارع جابذ" أي متجه نحو المركز".
ب) الكرة المرجع: ان سطح الارض يعرف كشكل رياضي من حيث قيم الجاذبية عند كل نقاط السطح. هذا الشكل الرياضي يعرف باسم الكرة المرجع. وهو مرتبط بمتوسط مستوى سطح البحر مع ازالة الكتل الارضية الزائدة وملء اعماق المحيطات. وبالتالي يصبح سطح متساوي الارتفاعات أي ان قوة الجاذبية في كل مكان تعاير بحسب هذا السطح او ان خيط الشاقول يكون عمودياً عند كل النقاط. المعادلة التالية التي اقرها الاتحاد الدولي للجيوديسيا في 1967م يعطي قيم عجلة الجاذبية الارضية عند أي نقطة على هذه الكرة المرجع.
g = g0( 1 + α sin φ + β sin2 2φ)          (2.15)
حيث g0 = الجاذبية الاستوائية =  978.0318 gals  ,  φ =  خط العرض , والثوابت  α , β تساوي 0.0053024   و   0.0000058 على الترتيب.
لاحظ ان قيمة الجاذبية المذكورة اعلاه لا يوجد لها اشارة سالبة بمعنى ان قوة الجاذبية دائماً جاذبة ومن المنعارف عليه تجنبها باستعمال القيمة المطلقة للجاذبية. هذا الاجراء سيتبع في باقي هذا الفصل , مع ذلك في 3.2.2c   حيث  المعادلات  (3.14a), (3.14b) , (3.14c)  تربط  الامكانية الجاذبية والمجال بنظيراتها المغناطيسية فان الاشارة السالبة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار.[1]
بالرغم من ان المعادلة (2.15) لاتزال هي الاساس لتصحيحات خطوط العرض للجاذبية , فان بيانات مهمة تم الحصول عليها منذ 1930 بواسطة القياسات الجاذبية البحرية ومن المسارات الدقيقة للاقمار الصناعية تدفع باتجاه تعديل الثوابت. يبدو ان الأرض لها شكل الاجاصة نوعاً ما ولهذا فانه يمكن ان توجد تشوهات صغيرة في التكور الاستوائي. الأمر الذي يؤدي الى ادخال خطوط الطول في المعادلة. على أي حال فان تلك التعديلات تقاس بالامتار مقارنة بالتفلطح القطبي ذو ال20 نم. لهذا فان المعادلة السابقة ذات دقة كافية لاستخدامها في حساب التغيرات مع خطوط العرض.
ج) المجسم الأرضي " الجيود The Geoid ": حتى في أفضل صورها المحسنة فان علاقة الجاذبية في المعادلة (2.15) هي تقريب فج جداً. انها تفترض عدم وجود تموجات في سطح الارض بينما في الواقع لدينا متوسط ارتفاع قاري حوالي 500 متر وارتفاعات ارضية وانخفاضات محيطية +- 9000 م عن سطح البحر. من الواضح ان مستوى سطح البحر متأثر بهذه الاختلافات ويجب ان يراعيها المساح خلال قياس الارتفاعات.
الجيوديسيون عرفوا متوسط سطح بحر عملي (متساوي الجهد) لاجراء تلك القياسات ويعرف باسم الجيود وهو عبارة عن متوسط سطح البحر للمحيطات ولمياه البحر الموجودة في القنوات مثلاً تلك التي تخترق الكتل الارضية.
من الواضح ان الجيود والكرة المرجع " السفيرود" لا يمكن انتتطابق في الواقع في كل النقاط نظراً لان الجيود التوى لاعلى تحت الكتل القارية نتيجة للمواد الجاذبة بالأعلى والتوى لأسفل في احواض المحيطات. مع ذلك فالانحرافات بين السطحين لا تزيد عن 50 متر. اثاراسطح  الجيود والسفبرود- مضخمة بشكل مبالغ فيه كشاذات – موضحة في الشكل 2.2.
هذا الشكل المبسط للارض , الموصوف سواء بالسطح الرياضي او الجيوديسي , بالرغم من انه يسمح بزيادة الكثافة مع العمق الا انه يفترض عدم وجود تغيرات جانبية في الكثافة. تلك التغيرات عندما تحدث بالقرب من السطح يمكن دراستها وبحثها بالاستكشاف الجاذبي. هذه الصورة البسيطة مع انها كافية لعمل التصحيحات الجاذبية , فانها ضرورية لتحليل المسح الجاذبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق